نجح علماء من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) في المملكة العربية السعودية في تطوير تقنية طلاء نانوية مبتكرة يمكنها تحسين كفاءة الطاقة في مصابيح الشوارع قاد بشكل كبير وتقليل انبعاثات الكربون، وهو أمر ذو أهمية كبيرة لصناعة الإضاءة.
وتُظهر الدراسة، التي نُشرت في مجلة ضوء: علوم & التطبيقات، أنه إذا تم تطبيقها في الولايات المتحدة وحدها، فيمكن أن تقلل أكثر من 1.3 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، مما له تأثير إيجابي على تحسين استهلاك طاقة الإضاءة العالمية.
تُعد الإضاءة مصدرًا هائلًا لاستهلاك الطاقة، حيث تُمثل حوالي 20% من إجمالي استهلاك الكهرباء في العالم، وتُصدر ما يقرب من 6% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما تُمثل إضاءة الشوارع ما بين 1% و3% من الطلب العالمي على الكهرباء، مما يُثقل كاهل الوحدات البلدية. على الرغم من كفاءة مصابيح قاد في توفير الطاقة، إلا أن حوالي 75% من الطاقة تُحوّل إلى طاقة حرارية أثناء التشغيل، مما يُؤثر سلبًا على كفاءة الإضاءة وعمر المصباح. لا تُقلل درجات الحرارة المرتفعة من كفاءة الإضاءة فحسب، بل تُقصر أيضًا من عمره الافتراضي. لذلك، تُعدّ الإدارة الحرارية الفعّالة أمرًا بالغ الأهمية لتحسين أداء مصابيح قاد.
يكمن سرّ تطوير فريق البحث في مادة نانوية تُسمى نانو بي إي (البولي إيثيلين النانوي المسامي). تُصنع هذه المادة من البولي إيثيلين العادي، وتُستخدم عملية خاصة لصنع ثقوب لا يتجاوز قطرها 30 نانومترًا (حوالي جزء من ألف من الشعرة). وتتميز هذه المادة بقدرتها على اختراق الأشعة تحت الحمراء (المصدر الرئيسي للإشعاع الحراري) بكفاءة (أكثر من 80%)، مع عكس الضوء المرئي بكفاءة (أكثر من 95%)، مما يُتيح تحسين تأثير الإضاءة.
لتحقيق أقصى قدر من فعالية نانو بي إي، اقترح الباحثون تركيب مصابيح شوارع قاد مطلية بهذه المادة رأسًا على عقب. بهذه الطريقة، تخترق الطاقة الحرارية (الأشعة تحت الحمراء) التي يولدها المصباح بسلاسة مادة نانو بي إي وتشعّ لأعلى نحو السماء لتتبدد، بينما ينعكس الضوء المرئي اللازم للإضاءة لأسفل بفعالية إلى الأرض. يختلف هذا تمامًا عن تصميم مصابيح قاد التقليدية التي تحبس الطاقة الحرارية داخلها ويكون رأس المصباح متجهًا لأسفل، ويمثل هذا إنجازًا مبتكرًا في تكنولوجيا الإضاءة.
أكدت النتائج التجريبية أنه بعد تطبيق طلاء البولي إيثيلين النانوي، انخفضت درجة حرارة الصمام الثنائي الباعث للضوء (قاد) بمقدار 7.8 درجة مئوية في ظروف المختبر و4.4 درجة مئوية في القياسات الخارجية، وزادت كفاءة الإضاءة بنحو 5% و4% على التوالي. وأكد البروفيسور تشياو تشيانغ، قائد الدراسة، أن أي تحسن ولو طفيف في كفاءة الإضاءة يمكن أن يكون له تأثير كبير على التنمية المستدامة عند تطبيقه على نطاق واسع. كما يعتقد الدكتور حسام قاسم، المؤلف المشارك، أن هذا التصميم يُحسّن بشكل كبير من تبديد الحرارة مع الحفاظ على كفاءة إضاءة عالية، وهو حل محتمل للإضاءة المستدامة، ومن المتوقع استخدامه على نطاق واسع في مجال الإضاءة مستقبلًا.